jamali نائب المدير العام
عدد الرسائل : 319 الدولة : تاريخ التسجيل : 28/05/2007
| موضوع: ماهي الاسطورة؟ الأربعاء 21 مايو 2008, 2:13 pm | |
| ماهي الاسطورة؟ ينبغي أن ندرك استحالة حصولنا على تعريف كامل وشامل للأسطورة، وإنما تكمن محاولتنا في الوصول إلى أقرب نقطة منها ، فلذا نحرص على أن ندرك الأسطورة قبل تعريفها ، ولذا نتدرج من الشكل إلى المضمون مع التأكيد على أن إتحاد هذين الجانبين ، وتفاعلهما تفاعلاً جدياً ، ينتج عنهما نمط من أنماط التعبير يطلق عليه اسم الأسطورة .
فمن حيث الشكل وردت المصطلحات التالية:
أ-الأسطورة : حكاية ، قصة ، رواية. وقد اتفقت غالبية المصادر على هذه التسميات .
ب-الأسطورة : حادث ، حادثة ، أحداث ، خبر ، أخبار ، وقد وردت هذه التسميات في بعض المصادر.
ج-الأسطورة: شكل من أشكال التعبير يجمع بين الفكر والخيال والوجدان، وأداته الرمز، وان الشكل السردي أحد أشكال الأسطورة لا غير. و يرى البعض أن الأسطورة كالشعر تفقد قيمتها إذا ترجمت في حين يقول آخرون أن قيمة الاسطورة تظل قائمة رغم أسوأ أنواع الترجمة في كل أنحاء العالم ، لان كنه الاسطورة لا يكمن في أسلوب صياغتها ، ولا نمط سردها ، ولا في تركيبها النحوي ، بل في التاريخ الذي ترويه .
اختلف الباحثون في تعريف الأسطورة، و فيما يلي نذكر بعض التعاريف لبعض الباحثين: يقول الباحث الفرنسي كلود ليفي ستراوس : (الاسطورة : حكاية تقليدية ، تلعب الكائنات الماورائية أدوارها الرئيسية )
وفي الموسوعة العربية العالمية ، نجد أن الاسطورة : حكاية تقليدية تروي أحداثاً خارقة للعادة .
يقول بول ريكو : (الاسطورة : حكاية تقليدية ، تروي وقائع حدثت في بداية الزمان) و يعرفها الفيلسوف الفرنسي جيلبار دوران بأنها ( نظم لوقائع رمزية في مجرى الزمان)
أما مرسيا إلياد فيقول بأنها ( قصة مقدسة تروي حدثاً وقع في بداية الزمان ) .
و يرى بعض الكتاب أن الأسطورة حكاية مقدسة، ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان.
ويرى شلهود أنها قصة تعليلية ، ويرى آخرون أنها قصة حقيقية ، جرت في بداية الزمان ، وتصلح نموذجا يمكن أن يحتذى به من قبل البشر في سلوكهم .
ويرى الناقد السوري ، خلدون شمعة أن الاسطورة : قصة متداولة أو خرافية ، تتعلق بكائن خارق أو حادثة غير عادية . فهي قصة مخترعة أو ملفقة .
ومنهم من يرى الاسطورة : قصة مجازية تخفي أعمق المعاني أو أنها قصة رمزية تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها.
ويرى مؤلفي كتاب ( نظرية الأدب: رينيه ويليك و أوستن وارين ) أن الاسطورة : حكاية مجهولة المؤلف تتحدث عن الأصل والعلة والقدر ، ويفسر بها المجتمع ظواهر الكون والإنسان تفسيراً ، لا يخلو من نزعة تربوية تعليمية .
ويرى الدكتور قيس مؤلف كتاب ( الأساطير وعلم الأجناس) أن الاسطورة : ليست سجلاً تاريخياً مظبوطاً للاحداث الجارية عبر ماضي الجماعات ، بل هي تمثل تاريخاً قبلياً ، تتوارثه الأجيال المتعاقبة عن طريق التلقين .
ويصف الدكتور عبد الرضا علي الاسطورة بأنها : الوعاء الاشمل الذي فسر فيه البدائي وجوده ، وعلل فيه نظرته الى الكون ، محدداً علاقته بالطبيعة ، من خلال علاقته بالآلهة التي اعتبرها القوة المسيرة والمنظمة والمسيطرة على جميع الظواهر الطبيعية ، وتعاقب الفصول ، والليل والنهار ، والخصب والجفاف ، مازجاً فيها السحري بالديني ، وصولاً الى تطمين نفسه ووضع حد لقلقه و أسئلته الكثيرة .إنها أسلوب لشرح معنى الحياة والوجود صيغ بمنطق عاطفي كاد يخلو من المسببات ، إمتزج فيها الدين بالتاريخ ، والعلم بالخيال ، والحلم بالواقع .
ويرى K.O.MULLER أن الاسطورة : أحاديث مصورة لأحداث تاريخية حقيقية واقعية.
ويرى ب كوملان أن الأساطير هي في الحقيقة مجموعة من الأكاذيب ولكنها أكاذيب كانت لقرون طويلة حقائق يؤمن بها الناس .
وفي قاموس اللاروس ، وردت الاسطورة أنها خبر تاريخي أو حكاية تاريخية بالغت فيها المخيلة الشعبية أو الابتكار الشعري .
ومن هذا الاستعراض ، نكتشف اتجاهين ، لكل اتجاه خصائصه ، فاذا أخذنا بالمنهج العقلي الذي يرى أن الآلهة كانت في أصلها ، طائفة من الملوك ، بلغوا من القوة والتأثير شأواً عظيماً ، جعل الناس يتجاوزون بهم عالم الواقع إلى عالم الخوارق ، ويؤلهونهم ، فان هذا الاتجاه يجعل من الأساطير واقعاً تاريخياً ، أو لعل الأصح أن يقال : إن الأساطير قد أصبح لها بفضل هذا الاتجاه واقع فيما قبل التاريخ ، وأخذت الأساطير منذ ذلك ، تمثل ذاكرة الإنسانية عندما يتعلق الأمر بمرحلة قديمة في الزمان يكتنفها الغموض من كل جانب . وأعان ذلك الخيال على تصوير الملوك تصويراً خارقاً في عصور سحيقة ، غلبت عليه البداوة . وهذا هو رأي هوميروس الذي مات في أوائل القرن الرابع قبل الميلاد.
وهناك رأي مناقض لهذا ، ولكنه في نفس الاتجاه التاريخي ، ومضمونه : أن البشر الأولين إذ صعقتهم ظواهر الطبيعة ، بدأوا يعطونها أسماء انتقلت تدريجياً إلى أشخاص ، على اعتبار الفكر البدائي ، عاجز عن تشخيص المجردات وهكذا صارت الحياة الكونية تكتسب حياة .
وكان البطل الاسطوري إلها أو إبن إله أو شبه إله ، وهذا يدل على أن أدوات الإنسان التقنية كانت قاصرة ، وغير مؤدية للغرض ، مما أضطر الإنسان إلى أن يصوغ نموذجه البطولي على غرار الآلهة المقتدرين ، الذين يمكنهم التحكم في هذا العالم فقد صورت الآلهة من خلال سمات إنسانية بحتة .
إن هذا الاتجاه بشقيه المتضادين ، يحصر الاسطورة في اهتمامها بظواهر الطبيعة ، التي حاول الإنسان أن يفهمها ويسيطر عليها عن طريق الاسترضاء أو التحدي ، وعند عجزه ، حاول أن ينسجم معها قدر الإمكان.
لكن في أواخر القرن الرابع ق.م ، دخلت البشرية في أخطر تجربة وإمتحان ، بانتقالها إلى طور الحضارة الناضجة ، وقد تحقق ذلك لأول مرة في تاريخ الإنسان بانتقال وادي الرافدين ووادي النيل ، إلى حياة التحضر والمدنية ، كظهور المدن وأنظمة الحكم والكتابة والتدوين والقوانين المنظمة للحياة . فتحولت الاسطورة الى نظرة الإنسان الفلسفية والجمالية لحياته الاجتماعية التي يعيش واقعها، بمعنى آخر ، أصبحت الاسطورة حاجة روحية لا غنى للانسان عنها ، ففيها تظهر انفعالاته الشعورية واللاشعورية ، تأملاته في المستقبل أو ما ينبغي أن تكون عليه الحياة الأفضل ،خيالاته التي تحقق ما يعجز عن تحقيقه في الواقع ، آماله ، توقه الأبدي الى الجديد ، محاولته الجدية للتخلص من فرديته ، أي أنها أصبحت فناً وضرورة له ، ليفهم الحياة ، بل ليجعلها أكثر إنسانية.
من خلال ما تقدم يمكن القول أن الأسطورة ممتنعة عن الإدراك بوصفها متاهة عظمى. . فالمتاهة حاصلة في الخلط بين التعريف والتفسير في كثير من الأبحاث و ذلك راجع ربما لتعدد أنواع الأسطورة التي حددها البعض في الأنواع التالية:
أ- الاسطورة الطقوسية : وهي تمثل الجانب الكلامي لطقوس الأفعال ألتي من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه .
ب-أسطورة التكوين : وهي التـي تصور لنا عملية خلق الكون .
ج- الاسطورة التعليلية : وهي ألتي يحاول الإنسان البدائي عن طريقها ، أن يعلل ظاهرة تستدعي نظره ، ولكنه لا يجد لها تفسيراً ، ومن ثم فهو يخلق حكاية أسطورية ، تشرح سر وجود هذه الظاهرة .
د- الاسطورة الرمزية : وهي ألتي تتضمن رموزاً تتطلب التفسير ، ومن المؤكد أن هذه الأساطير قد ألفت في مرحلة فكرية أكثر نضجاً ورقياً .
هـ- أسطورة البطل الإله : وهي التي يتميز فيها البطل بأنه مزيج من الإنسان والإله ، (ألبطل المؤله ) ألذي يحاول بما لديه من صفات إلهية أن يصل الى مصاف الإلهة ، ولكن صفاته الإنسانية دائماً تشده الى العالم الأرضي .
هذه التقسيمات تتناول الاسطورة قديما ، فنحن الآن في هذا العصر نمتلك نوعاً جديداً من الأساطير ، ذلك هو الاسطورة السياسية ، التي لعبت وتلعب دوراً في صناعة الإيديولوجيات ألتي تخدم أغراضها ، بخلقها الوعي الزائف ، باعتمادها على الظلال السحرية للكلمة.
إن تنوع الأساطير أدى الى تنوع المناهج التي تتناول الأساطير بالدراسة ، فلذا ظهرت المناهج التالية :
أ- المنهج اليوهيمري الذي يعد من أقدم تلك المناهج ، ويرى الاسطورة قصة لأمجاد أبطال وفضلاء غابرين .
ب-المنهج الطبيعي ألذي يعتبر أبطال الأساطير ظواهر طبيعية، ثم تشخيصها في أسطورة، اعتبرت بعد ذلك قصة لشخصيات مقدسة.
ج-المنهج المجازي بمعنى أن الاسطورة قصة مجازية ، تخفي أعمق معاني الثقافة .
د-المنهج الرمزي بمعنى أن الاسطورة قصة رمزية ، تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها ، لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز الاسطورة .
هـ-المنهج العقلي ألذي يذهب الى نشوء الاسطورة نتيجة سوء فهم إرتكبه أفراد في تفسيرهم ، أو قراءتهم أو سردهم لرواية أو حادث .
و-منهج التحليل النفسي الذي يحتسب الاسطورة رموزاً لرغبات غريزية وإنفعالات نفسية .وإن علم الميثولوجيا ، حتى الآن ، لم يصل الى مرحلة النضج التي تؤهل مدارسه المتنافرة ، المتعارضة للاندماج. | |
|
nour_allah1 نائب المدير العام
عدد الرسائل : 499 الدولة : تاريخ التسجيل : 01/05/2007
| موضوع: رد: ماهي الاسطورة؟ الإثنين 02 يونيو 2008, 2:59 pm | |
| | |
|